المركز الإعلامي
"منتدى الإدارة الحكومية": الطريق إلى المستقبل يبدأ بالتطوير الذاتي للفرد وانتهاج رحلة التعلم مدى الحياة
أكد المتحدثون في الدورة الثالثة من منتدى الإدارة الحكومية بأن الطريق إلى المستقبل يبدأ بالتطوير الذاتي للفرد، وانتهاج رحلة التعلم مدى الحياة، مؤكدين بأن دولة الإمارات تمضي في الاستثمار في رأس المال البشري وتحصينه ضد المتغيرات المستقبلية، وتهيئة البيئة الحاضنة لتمكين الأفراد وتزويدهم بالمهارات اللازمة لقيادة دفة المستقبل في ظل منظومة الفرص والتحديات المرتبطة بالتطور التكنولوجي الغير المسبوق الذي يشهده العالم اليوم.
ودعا المتحدثون في المنتدى الكفاءات الوطنية إلى انتهاج رحلة التعلم مدى الحياة، والاستثمار في الذات، والاستفادة من الفرص التطويرية من برامج وأنشطة التي تزود الأفراد بالمهارات المتقدمة وتحصن الكفاءات ضد المتغيرات في سوق العمل، خصوصاً في ظل الاحصائيات والتوقعات العالمية بحدوث تغييرات جذرية فيه.
جاء ذلك خلال فعاليات منتدى الإدارة الحكومية بنسخته الثالثة، والذي نظمته كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، المؤسسة البحثية والتعليمية المتخصصة في السياسات العامة في الوطن العربي، تحت عنوان "بناء القدرات والجاهزية للمستقبل"، بحضور ورعاية معالي الدكتور أحمد بن عبد الله حميد بالهول الفلاسي، وزير الدولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة، رئيس الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، وسعادة الدكتور علي بن سباع المري، الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، وسعادة الدكتور سليمان الكعبي الرئيس التنفيذي لمؤسسة استشراف المستقبل في أبوظبي، وسعادة الدكتور ياسر النقبي مساعد المدير العام للقيادات والقدرات الحكومية في مكتب رئاسة مجلس الوزراء بوزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، وسعادة عبد الله الكرم، مدير عام هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، وعدد من القيادات والأكاديميين والخبراء من مختلف الجهات الاتحادية والحكومية والقطاع الخاص في الدولة.
وناقش المنتدى آفاق بناء القدرات والكفاءات في صفوف العمل الحكومي، بالاستناد إلى ركائز علمية أساسها الاستشراف والإبداع وإدارة التغيير والتميز وابتكار الحلول للتحديات المستقبلية، وتحويلها إلى فرص وإنجازات لبناء الجاهزية للمستقبل.
وخلال كلمته الافتتاحية، أكد معالي الدكتور أحمد بن عبد الله حميد بالهول الفلاسي أن قيادة دولة الإمارات تولي أهمية قصوى لقضية بناء القدرات والجاهزية للمستقبل لما تمثله من أهمية جوهرية في مسيرة التنمية لتحقيق رؤية الإمارات 2021 ومئوية الإمارات 2071 لتكون الإمارات أفضل دولة في العالم في جميع المجالات.
وقال معاليه: "إن الجاهزية للمستقبل وقبول تحديات المستقبل أمر يتعلق بثلاث ركائز، هي أن الجاهزية للمستقبل قرار ينبع من داخل الانسان ويعبر عن رغبته الأكيدة في التطوير والتأقلم ومواكبة المتغيرات وصناعة مستقبله، وتسلح الإنسان بالمهارات المتقدمة والتدريب المستمر وتبني مفهوم التعلم مدى الحياة، وتوافر بيئة العمل الإيجابية والمحفزة التي تشجعه وتدفعه إلى الأمام".
وأضاف معالي الفلاسي: "تقود دولة الإمارات عملية التغيير في مرتكزات العمل الحكومي التقليدية وتطوير الأداء القائم على التميز. وقد حققت الحكومة خطوات ملموسة تهدف في المقام الأول إلى تأهيل كوادر وطنية وتجهيز جيل المستقبل بأعلى المستويات العلمية والاحترافية ليتمكن من تحويل التحديات إلى فرص، ويعزز من تنافسية الدولة في المستقبل مع تصدير آخر برميل نفط".
وأشار معاليه إلى مشاركة الهيئة الاتحادية للموارد البشرية في مسيرة بناء القدرات والجاهزية للمستقبل من خلال العديد من المبادرات والبرامج التي أطلقتها الهيئة لموظفي الوزارات والجهات الاتحادية في الدولة من خلال تدريب أكثر من 27 ألف موظف ضمن مبادرة شركاء التدريب المفضلين للحكومة الاتحادية "معارف"، وإطلاق الهيئة 11 مبادرة لنشر مبادئ الثقافة المؤسسية وخلق بيئة عمل محفزة، فضلاً عن الحلول الذكية المتمثلة في مبادرة "التدريب والتطوير الإلكتروني"، وبوابة "معارف الإلكترونية" على تطبيق "فهر" التي تتيح للموظفين التسجيل في برامج التدريب المختلفة.
وخلال كلمته الرئيسية التي حملت عنوان "البقاء في المنافسة"، أكد سعادة الدكتور علي بن سباع المري، الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية أن عالم اليوم يسير بخطى متسارعة نحو المستقبل. ونحن على أعتاب مرحلة جديدة وتغيرات سريعة في جميع المجالات، وعلى الجميع أن يكونوا على قدر هذا التغيير بالاستعداد الجيد للمستقبل، وقال: "إن الجاهزية للمستقبل ترتبط بالفهم الجيد لتحديات المستقبل على مستوى الفرد والمؤسسات من أجل البدء ببناء القدرات لتلبية احتياجات المستقبل".
وأضاف: "نعيش الآن في ظل الثورة الصناعية الرابعة بكل ما تحمله من فرص وتحديات وعلى رأسها التكنولوجيا الحديثة وتقنيات الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء والروبوتات وغيرها، وتتطور التكنولوجيا الحديثة بشكل أسرع من إدراك البشر لها، وهو ما يحتم علينا التطور بسرعة سيراً على خطى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الذي قال (سرعة إيقاع العصر تفرض علينا روح المبادرة)".
وأشار سعادته إلى أن حكومة دولة الإمارات أطلقت العديد من المبادرات والبرامج لتدريب الموظفين وإكسابهم متطلبات المستقبل من أجل الإيفاء باحتياجات الدولة من مشاريع تنموية سعياً وراء تحقيق الريادة في كل المجالات. وأكد أن بعد 5 سنوات من الآن لن يستطيع أي موظف اللحاق بركب التطور في العمل الحكومي في الدولة إلا من يمتلك مهارات المستقبل، لذا فمن الضروري سعي الفرد إلى التعلم والتدريب، مشيراً إلى أن ميدان العمل يكسب الموظفين أكثر من 70% من الخبرات والمهارات، وليس قاعات الدراسة التي لا تكسبه أكثر من 30% من تلك المهارات. وهو ما يحتم علينا المشاركة والمساهمة الفعالة في كل جهود الدولة التي تستشرف من خلالها مستقبل مزدهر لكل أبناء الوطن.
خارطة للموارد البشرية
وخلال حوار بعنوان "هذا أنا"، أكد سعادة عبد الله الكرم، مدير عام هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي بأنه يجري تكثيف الجهود لتنفيذ توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الواردة في وثيقة الخمسين، والمتمثلة في تطوير ملف تعليمي مركزي إلكتروني للمواطن منذ ولادته، يستمر معه طوال حياته لتوثيق جميع الشهادات التي يحصل عليها والدروس التي يتلقاها والدورات والمؤتمرات التي يحضرها، مؤكداً سعادته بأن هذه الخطوة هي ركيزة رئيسية لإيجاد بيئة حاضنة للمواهب البشرية لتحقيق الاستفادة القصوى من الخبرات والمعارف والمهارات لكل فرد حسب مجاله وتخصصه.
وبين سعادته أن تلك الجهود ستعمل على بلورة خارطة طريق للمواهب البشرية في دولة الإمارات، الأمر الذي يسهل الاستفادة من الخبرات الكبيرة التي تزخر بها الدولة، خصوصاً في مجالات القطاعات الحيوية التي تشكل القاعدة الصلبة للاقتصاد والتنمية، وحث سعادته الكفاءات والمواهب الوطنية بضرورة الاستثمار الذاتي، وتطوير القدرات لمواكبة متغيرات المستقبل، وضرورة التحلي بالمهارات المتقدمة التي تمكن الفرد من استثمار قدراته بالشكل الأمثل، وتوجيهها نحو خدمة الخطط الاستراتيجية سواء في القطاع الحكومي والخاص.
وخلال جلسة "وظائف ومهارات المستقبل"، أشار سعادة الدكتور سليمان الكعبي، إلى أن العالم يسير نحو تغيير شامل في خريطة الوظائف، وأن 45% من الأنشطة الحالية في دول الشرق الأوسط يمكن أتمتتها وتحويلها إلكترونياً، وهو ما يعني خسارة ملايين الوظائف. وقال: "تهدف دولة الإمارات إلى مواكبة التطور التكنولوجي العالمي، خاصة الذكاء الاصطناعي، مع الحفاظ على الدور البشري في منظومة التطوير من خلال استحداث وظائف جديدة وإكساب الموظفين مهارات المستقبل. وهو ما ينبغي ان يدركه الجميع ويبدأ من الآن في الدراسة والتدريب والتأهيل".
وأشار سعادته إلى أن الحاصلين على شهادات الثانوية أو أقل هم عرضة لخسارة الوظيفة في المستقبل بنسبة 50%، ولكنها تقل إلى 20% لمن يمتلكون شهادات جامعية. لذا فمن الضروري الدراسة وتبني مفهوم التعلم مدى الحياة، بجانب اكتساب مهارات المستقبل، بل وتعدد تلك المهارات. وأشار إلى أن أهم التخصصات تتمثل في الرياضيات والحوسبة الكمية والعلوم والذكاء الاصطناعي والبرمجة. ونصح الكعبي بالابتعاد عن الأفكار التقليدية الخاصة بالوظائف والتخصصات السائدة في المجتمع، والخروج إلى آفاق أوسع من التخصصات التي تمثل مستقبل البشرية.
وفي كلمته في جلسة بعنوان "قادة المستقبل"، قال سعادة الدكتور ياسر النقبي مساعد المدير العام للقيادات والقدرات الحكومية في مكتب رئاسة مجلس الوزراء بوزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل إن العالم أصبح يتسم بالسرعة والتعقيد وعدم الوضوح، وأصبح لزاماً علينا إيجاد حلول لمختلف التحديات ومواكبة المتغيرات والتعامل مع آثارها في كافة المجالات، وهو ما يبدأ بالقيادة التي تتمتع برؤية واضحة للمستقبل والقدرة على اتخاذ القرارات.
وأضاف: "بدأت رحلة القيادة في دولة الإمارات بالآباء المؤسسين وبالمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كان يمتلك رؤية ثاقبة للمستقبل ومتطلباته، وكان مؤمناً أن الإنسان هو الثروة الحقيقية لإحداث التطور والتنمية في كل المجالات. لتستمر القيادة الرشيدة على النهج ذاته في بناء إنسان المستقبل"
وأكد أن دولة الإمارات تتطلع إلى تحقيق الريادة عبر رؤية الإمارات 2021 ومئوية الإمارات 2071 لتكون الإمارات أفضل دولة في العالم في جميع المجالات بحلول مئوية تأسيس الدولة عام 2071، وهو ما يستوجب إعداد قادة قادرين على اتخاذ القرارات والقدرة على التنفيذ وفق خطط زمنية محددة، مشيراً في هذا الصدد إلى إطلاق حكومة الإمارات "نموذج الإمارات للقيادة الحكومية" العام الماضي من أجل تطوير العنصر البشري في كافة الجهات الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص .
وأشار إلى أن متطلبات القيادة تشمل 3 ركائز هي: الروح القيادية والنظرة المستقبلية والإنجاز والتأثير. وينبغي على كل فرد اكتساب مهارات المستقبل وعلى رأسها الإدارة، وأن يكون قدوة حسنة ويتحلى بقيم ومبادئ الدولة في التسامح والتعايش، وأن يكون الشخص منفتحاً على العالم وله مساهمة إيجابية في محيطه ومجتمعه ووطنه، لأن هذا هو ما يصنع قائد المستقبل.
وتناولت الحلقة النقاشية الأولى -والتي أدارها سعادة الدكتور علي بن سباع المري - موضوع "بناء القدرات والجاهزية للمستقبل"، وذلك بمشاركة سعادة عبدالله بن زايد الفلاسي، مدير عام دائرة الموارد البشرية لحكومة دبي، وسعادة الدكتور خالد الخزرجي، رئيس مجلس إدارة شركة الكوثر للاستثمار، حيث أكد المشاركون على ضرورة الاستفادة من كافة القنوات التطويرية المطروحة سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، والتي بإمكان الفرد الاستفادة منها في رحلة التدريب واكتساب المهارات. وأشاروا أنه ينبغي على كل فرد التطلع للمستقبل، وأن ما نكتسبه اليوم من مهارات وتخصصات يمكن أن تكون ضعيفة التأثير حالياً، ولكنها ستكون بمثابة بوابة دخول عصر التكنولوجيا خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يستلزم في الوقت نفسه ابتكار آليات وبرامج تدريب متطورة من قبل هيئات الموارد البشرية في الدولة وجميع الشركات الخاصة أيضاً، وذلك من أجل بناء قدرات الموظفين وتكامل الأدوار وتوجيه الجهود نحو هدف واحد وهو الجاهزية للمستقبل.
وتناولت الحلقة النقاشية الثانية موضوع "فجوة مهارات المستقبل"، وذلك بمشاركة أعضاء نادي القيادات التابع للكلية، وأعضاء مجالس الشباب، وقام بإدارة الجلسة الإعلامي محمد الكعبي، حيث أكد المشاركون بأن سد فجوة مهارات المستقبل مسؤولية مشتركة تقع على الأفراد والمؤسسات. فكل فرد ينبغي أن يسعى إلى التعلم واكتساب المهارات الأساسية ومهارات المستقبل في مختلف كافة التخصصات الحيوية، وعلى المؤسسات أيضاً أن تنتهج سياسات مبتكرة وتغيير الأطر التقليدية والروتينية والانتقال إلى مرحلة جديدة في توفير خدمات حديثة تواكب كافة المتغيرات والتطور التكنولوجي الهائل في العالم. وأكد المشاركون أن مختلف الجهات في الدولة تعمل على سد فجوة مهارات المستقبل، ولكن لا تزال تحتاج إلى تضافر الجهود وتوحيد الرؤى حول المهارات التي ينبغي التركيز عليها لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الموظفين ومهاراتهم في المستقبل.
For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.