المركز الإعلامي

كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية تصدر تقريراً بحثياً جديداً حول سد فجوة الذكاء الاصطناعي في المنطقة العربية بدعمٍ من  Google.org

كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية تصدر تقريراً بحثياً جديداً حول سد فجوة الذكاء الاصطناعي في المنطقة العربية بدعمٍ من Google.org

٨‏/١٢‏/٢٠٢٥

أصدرت كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية تقريراً جديداً بعنوان "سد فجوة الذكاء الاصطناعي: الحوكمة والابتكار والتنافسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا". وجاء الكشف عن هذا التقرير، الذي يقدم تحليلاً معمقاً لمشهد الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال المنتدى العربي الثاني للإدارة العامة الذي استضافته الكلية في دبي بالتعاون مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا).
يستعرض هذا التقرير - الذي أعدته الكلية بدعمٍ من Google.org - المشهد المتفاوت لمنظومة الذكاء الاصطناعي في المنطقة، وذلك بالاستناد إلى دراسة ميدانية شملت 327 شركة صغيرة ومتوسطة تنشط في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية عبر 10 دول عبر المنطقة العربية في كل من الإمارات، والسعودية، والمغرب، والبحرين، والأردن، وقطر، والكويت، ومصر، وعُمان، وتونس.
تُظهر النتائج جاهزية مرتفعة إقليمياً لكل من الإمارات والسعودية لحوكمة الذكاء الاصطناعي وتطوير منظومة الشركات الناشئة في هذا القطاع، حيث تتمتع الدولتان ببنية تحتية قوية واستثمارات نوعية وتوجهات سياسية واضحة تساعدهما على تجاوز تحديات التحول الراهنة. وفي المقابل، لا تزال بعض دول المنطقة تواجه تحديات مثل عدم اتساق اللوائح التنظيمية، وضعف الوصول إلى التمويل، ونقص الكفاءات. وعلى الرغم من هذه التفاوتات، يشير التقرير إلى حالة التفاؤل السائدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والادراك المشترك للدور المحوري الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في حفز الابتكار ودفع عجلة النمو الاقتصادي عبر المنطقة.

أبدت غالبية المشاركين في الاستطلاع الذي أجرته الدراسة (69%) تقييماً إيجابياً لمنظومة الذكاء الاصطناعي في دولهم. ويعكس هذا التقييم تنامي الثقة بإمكانات الذكاء الاصطناعي في المنطقة مدفوعةً بالاستراتيجيات الحكومية الداعمة، والسكان المُلمّين بالتكنولوجيا، والزخم العالمي المتصاعد في هذا المجال. ويتماشى هذا التفاؤل الحذر مع الاستثمارات الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي بالمنطقة (سواء على صعيد الاستراتيجيات الوطنية أو إنشاء مراكز الابتكار أو غير ذلك). ويعتقد الكثير من المختصين أن اللبنات الأساسية لبناء منظومة فعّالة للذكاء الاصطناعي بدأت تتبلور في المنطقة.
وبهذه المناسبة، قال سعادة الدكتور علي بن سباع المري، الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية: "تشهد منطقتنا لحظة محورية في مسيرتها نحو تبني الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من الإمكانات الهائلة والإقبال الواضح على الابتكار، فقد رصد فريق الهيئة البحثية لمركز بحوث مستقبل الحكومات في الكلية خلال هذا المشروع الإقليمي فجوةً واضحة في الحوكمة والتطبيق الفعلي لتقنيات الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى خلق ’فجوة الذكاء الاصطناعي‘ في المنطقة. وتدعو النتائج المهمة لهذه الدراسة إلى ضرورة سد هذه الفجوة عبر تضافر الجهود الإقليمية لتعزيز الحوكمة الشاملة، وتأسيس بنية تحتية قوية، وتأمين التمويل اللازم، وإرساء بيئة تنظيمية داعمة تتضمن أطراً أخلاقية متأصلة. ومع دعوته إلى حوكمة شاملة تراعي خصوصيات المنطقة وتُمكِّن الابتكار المستدام، يرتكز هذا التقرير على إرث عريق لإدارة بحوث السياسات في الكلية يمتد لعقدين من الزمن في تطوير أبحاث مؤثرة قائمة على الأدلة، ويسترشد بها صنّاع السياسات في إعداد خارطة طريق مستقبلية توظف قدرات الذكاء الاصطناعي لتحقيق نمو اقتصادي مستدام ومزايا مجتمعية واسعة النطاق".

من جانبها، قالت رشا الحلاق، مديرة الشؤون الحكومية والسياسية العامة في شركة Google بدولة الإمارات: "يوفّر هذا المشروع البحثي نظرة قيّمة على منظومة الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى حوكمة الذكاء الاصطناعي. ويُسلّط الضوء كذلك على التحديات المستمرة والابتكار الاستثنائي الذي يقوده روّاد الأعمال المحليون، كما يبرز الإمكانات الحقيقية لتشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي هنا وفي المنطقة بأسرها. ويُمكّننا فهم هذا الواقع من دعم هؤلاء المبتكرين بشكل أفضل".
كشف التقرير أن تبنّي حلول الذكاء الاصطناعي بات واقعاً ملموساً لدى شركات التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وإن كان مستوى النضج يتفاوت بشكل كبير بين دولة وأخرى. وأفاد عدد من الشركات أنها قامت بالفعل بدمج حلول الذكاء الاصطناعي في عملياتها التشغيلية الأساسية. وتتصدر الشركات الصغيرة والمتوسطة قائمة الشركات التي تتبنى الذكاء الاصطناعي، حيث تُعرّف العديد منها نفسها على أنها شركات ناشئة "تتبنى الذكاء الاصطناعي". وتعمل هذه الشركات بنشاط على تطبيق تقنيات تعلّم الآلة، والتعلّم العميق، ومعالجة اللغات الطبيعية، والرؤية الحاسوبية، مع تنامي الاهتمام بتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي. 

ومن أبرز التحديات التي تعيق تطور منظومة الذكاء الاصطناعي في المنطقة ضعف الوصول إلى التمويل، وارتفاع تكاليف البنية التحتية، وقضايا الموثوقية المتعلقة بالكهرباء والإنترنت، بالإضافة إلى تنامي انتشار حالات التعدّي على الملكية الفكرية. ويكشف الاستطلاع أن الغالبية العظمى من الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة بمجال الذكاء الاصطناعي في المنطقة (93%) لم تسجّل أي براءات اختراع أو حقوق ملكية فكرية أو أصول رقمية خارج دولها. ويشير التقرير أيضاً إلى أن القليل فقط من شركات الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بادرت إلى حماية حقوق ملكيتها الفكرية في الأسواق العالمية. وفي المقابل، قالت الكثير من الشركات إنها واجهت بالفعل قضايا تتعلق بانتهاك حقوق الملكية الفكرية، حيث أشار نحو 43% من المشاركين في الاستطلاع إلى أن شركاتهم تعرضت لشكل من أشكال سرقة أو سوء استخدام حقوق ملكيتهم الفكرية أو أصولهم أو منتجاتهم الرقمية.

وعلى الرغم من أهمية اللوائح التنظيمية لبناء الثقة وتوسع الأسواق، إلا أنها تفرض في الوقت ذاته تحديات واضحة مثل ارتفاع التكاليف التشغيلية (22%)، وتباطؤ الابتكار (21%)، والقيود المفروضة على استخدام البيانات؛ فيما لا تزال الشركات تركز في صدارة أولوياتها على الأمن السيبراني، وخصوصية البيانات، وقابلية شرح نماذج الذكاء الاصطناعي، وقضايا التحيز والإنصاف.
كما تشير النتائج إلى أن تمكين الشركات الناشئة الصغيرة والمتوسطة بمجال الذكاء الاصطناعي في المنطقة يتطلب العديد من الممكّنات الجوهرية، من أبرزها إعطاء أولوية أكبر للاستثمار في البحث والتطوير (25%)، وتعزيز التعليم والتدريب المتخصص في الذكاء الاصطناعي (24%)، ووضع لوائح تنظيمية أكثر وضوحاً ودعماً للذكاء الاصطناعي (22%)، بالإضافة إلى الحوافز المالية (17%). وبمعنى آخر، يطالب القطاع الخاص الناشئ صنّاع السياسات بمنظومة تمكينية أقوى. علاوة على ذلك، أشارت معظم الشركات أنها بدأت تطبيق الحد الأدنى من معايير الأخلاقية للذكاء الاصطناعي، ولكنها تصطدم غالباً بمحدودية الميزانيات ونقص الخبرات المتخصصة.

يؤكد التقرير أن قدرة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على المشاركة في ثورة الذكاء الاصطناعي والانتفاع منها ستؤثر بشكل كبير على مسار تنميتها الاقتصادية وسيادتها التكنولوجية. كما يشدّد التقرير على أهمية المشاركة الفاعلة في الحوار العالمي المتسارع حول الذكاء الاصطناعي لضمان تمثيل مصالح المنطقة بشكل كافٍ، والمساهمة في صياغة القواعد والمعايير العالمية للذكاء الاصطناعي. وتتوقف قدرة المنطقة على تجاوز فجوة الذكاء الاصطناعي وتحقيق ميزة تنافسية مستدامة خلال السنوات القادمة على مدى نجاحها في مواءمة تفاؤلها الكبير ومواهبها المتميزة مع معايير الحوكمة ونظم الدعم الشاملة.

Happiness Widget