المركز الإعلامي

كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية تشارك بتحرير وتأليف "الحوكمة الاستباقية" لصياغة السياسات من أجل مستقبل مسؤول
شاركت كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية في تحرير كتاب “الحوكمة الاستباقية: تشكيل مستقبل مسؤول”، الذي يقدم رؤى جديدة وتحليلات معمقة ودراسات لدعم صنّاع القرار السياسي في بناء أنظمة حوكمة استباقية، قادرة على صياغة المتغيرات المستقبلية والتكيّف معها.
وأطلق الكتاب ضمن فعاليات "إنفستوبيا 2025" Investopia المتخصصة في مستقبل الاستثمار، بحضور معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، رئيس إنفستوبيا. وأقيم الحدث على مدار يومي 26 و27 فبراير، في فندق سانت ريجيس السعديات، في أبوظبي، واستضاف مجموعة من الجلسات النقاشية الرائدة، بمشاركة نخبة من القادة والمتخصصين، لاستشراف مستقبل أكثر إشراقًا لـ 3.5 مليار شخص حول العالم.
وحرر الكتاب نخبة من الأكاديميين والخبراء العالميين في مجال الحوكمة، بينهم البروفيسور ميلودينا ستيفنز، الأستاذة في كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية؛ والبروفيسور رائد عواملة، مستشار أول وخبير حوكمة في الأمانة العامة للمجلس التنفيذي لحكومة عجمان؛ وفريدريك سيكري، المستشار في شركة تاردس الاستشارية في دبي وباريس وجنيف، بالإضافة إلى مساهمات قيمة من باحثين وخبراء دوليين من مختلف أنحاء العالم.
وقال معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، رئيس إنفستوبيا: "تمثل الاستباقية محوراً رئيسياً في رؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، التي تبنت نهجاً متقدماً في استشراف وصناعة المستقبل، وهي اليوم جزء لا يتجزأ من حوكمة النموذج الاقتصادي الجديد الذي طورته الدولة وفقاً لمحددات رؤية (نحن الإمارات 2031)، والذي يتصف بالمرونة والاستدامة والتنافسية، ويملك القدرة على مواكبة الاتجاهات العالمية والاستفادة من الفرص المستقبلية"، مشيراً معاليه إلى أن هذا النهج أصبح اليوم ضرورة في مختلف عمليات الحوكمة وبناء الأطر التشريعية والتنظيمية لبيئة الأعمال، بما يضمن استمرار النمو الاقتصادي وتعزيز جاهزية الحكومات والشركات لمتغيرات المستقبل.
وأضاف معاليه: "يأتي إطلاق كتاب (الحوكمة الاستباقية) خلال أعمال (إنفستوبيا 2025) ليعكس التزامها بتعزيز الحوار العالمي حول مفاهيم اقتصاد المعرفة والاقتصاد الجديد، وأهمية الاستباقية في تنمية قطاعات المستقبل والتكنولوجيا والابتكار. فهذا الكتاب يعد مرجعاً علمياً مهماً لصناع القرار والباحثين، بما يقدمه من رؤى وتحليلات وأدوات مبتكرة تسهم في تطوير آليات الحوكمة وتدعم بناء أنظمة اقتصادية أكثر ديناميكية ومرونة، قادرة على استثمار الفرص في عالم يتغير بوتيرة غير مسبوقة".
ومن جانبه، قال سعادة الدكتور علي بن سباع المري، الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية: "يمثل الكتاب خطوة رائدة في توسيع الإصدارات المعرفية، في مجالات التنمية والتخطيط الإداري، وتعزيز الحوار العلمي، لما يقدمه من مرجعية لصناع القرار وتوفير حلول مبتكرة للتخطيط الاستباقي والاستشرافي للحكومات".
وعبر سعادته عن فخره بهذا الإصدار بالشراكة مع نخبة من الكتاب والباحثين في مجالات الإدارة والتخطيط الحكومي، ما يبرز التزام الكلية بتطوير المعرفة وتمكين صناع القرار من استشراف المستقبل بفاعلية ومرونة، ويعكس دورها وجهودها المتواصلة في دعم الأبحاث والمبادرات الفكرية التي تعزز نظم الحوكمة الحديثة، ونشرها.
وحظي الكتاب بتوصيات من شخصيات بارزة في مجالات الإدارة العامة وصنع السياسات، حيث أكد المدير التنفيذي للقمة العالمية للحكومات، محمد الشرهان، أن الكتاب يوفر نقطة انطلاق قوية لفهم كيفية تحويل الأنظمة الإدارية التقليدية إلى أنظمة ديناميكية قادرة على التكيف مع متطلبات العصر.
كما أشاد رئيس كوستاريكا الأسبق، خوسيه ماريا فيغيريس أولسن، بأهمية الكتاب، معتبرًا أنه “مرجع أساسي لصناع السياسات الذين يسعون إلى بناء أنظمة حكم أكثر كفاءة وابتكارًا”.
ويسلط الكتاب الضوء على مفهوم “الحوكمة الاستباقية” باعتبارها نهجًا مرنًا ومبتكرًا يهدف إلى توقع التحديات المستقبلية ومعالجتها قبل وقوعها، بدلاً من التعامل معها بعد حدوث الأزمات، ويستعرض كيف ينبغي للحكومات أن تعزز القيادة والمهارات اللازمة لفهم الاتجاهات والبيانات لتصوّر وتشكيل مستقبل أفضل، كما تسلط الفصول الضوء على أدوات متقدمة مثل التفكير المنظومي، والتخطيط العكسي، والتكنولوجيا الحديثة مثل التحليلات التنبؤية واللوائح الحاسوبية، لتعزيز كفاءة صنع القرار وتحقيق قيمة عامة أكبر. كما يناقش الكتاب قضايا جوهرية مثل التعليم في مرحلة الطفولة المبكّرة، وريادة الأعمال الفضائية، وإدارة الأزمات، بالإضافة إلى التقنيات الحديثة مثل الأمن السيبراني، والحوسبة الكمّية، وعلم الأحياء التركيبي، وغيرها من الموضوعات التي تسهم في تطوير أنظمة حوكمة أكثر مرونة وقدرة على التكيّف.
يأتي المساهمون بالكتاب، البالغ عددهم 31، من 11 دولة، وهو مقسّم إلى أربعة أقسام رئيسية. يركّز القسم الأول على مفهوم الحوكمة الاستباقية وأهميتها في تشكيل المستقبل، بينما يتناول القسم الثاني دور القيادة والتحوّل في بناء أنظمة حوكمة أكثر مرونة وابتكارًا. أما القسم الثالث، الذي يحمل عنوان "حوكمة التكنولوجيا المتقدّمة"، فيستعرض أثر التقنيات الحديثة على الأجيال القادمة وإمكانياتها في إعادة تشكيل المجتمعات. ويختتم الكتاب بالقسم الرابع "التعلّم من الماضي: الضوابط والفرص"، حيث يناقش الدروس المستفادة من التجارب السابقة، مع تسليط الضوء على الفرص المتاحة لتطوير أنظمة حوكمة أكثر استدامة وكفاءة.
ومن بين الموضوعات التي يعالجها الكتاب، دراسة عن التحولات في قطاع الفضاء، حيث يوضح أحد الفصول كيف أدى ظهور تقنيات التصغير والرقمنة إلى تغيير قواعد المنافسة العالمية، ومع ذلك، يؤكد الكتاب أهمية التخطيط طويل الأجل والميزانيات العامة كعنصرين حاسمين لضمان الاستمرارية في هذا المجال.
وفي تجربة عملية لنهج الحوكمة الاستباقية، يستعرض فصل آخر من الكتاب مثالًا من البرازيل، حيث اعتمدت وزارة الزراعة هناك على تحليل المخاطر والتنبؤ بالتهديدات المحتملة لحماية المحاصيل من الآفات الزراعية.
ومن خلال تطبيق تقنيات تحليل البيانات، تمكنت الحكومة من منع انتشار مرض زراعي كان يمكن أن يؤدي إلى خسائر اقتصادية فادحة، ما يعكس أهمية التخطيط المبكر في تجنب الأزمات.
ويتطرق فصل آخر إلى كيفية تحسين الاستجابة للأزمات الصحية والكوارث الطبيعية من خلال استخدام التحليلات التنبؤية وتوجيه الموارد بشكل أدق، ما ينعكس إيجابًا على تقديم الخدمات الإنسانية في أوقات الحاجة.
وفي فصوله الأخيرة، يتناول الكتاب قضية علم الأحياء التركيبي، الذي يمثل أحد المجالات التكنولوجية الناشئة التي تحمل في طياتها آفاقًا واعدة، بالإضافة إلى تحديات أخلاقية وتنظيمية، ويسلّط المؤلّفون الضوء على أهمية هذه الموضوعات من خلال رسوم هزلية تمّ إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. ويؤكدون أن وضع أطر تنظيمية واضحة لهذا المجال أمر لا غنى عنه لضمان تحقيق الفوائد بدون التعرض لمخاطر قد تترك آثارًا لا يمكن التراجع عنها.
وفي ظل التحديات العالمية المتزايدة، يطرح الكتاب رؤية واضحة حول كيفية تطوير الحوكمة الاستباقية لتكون أكثر قدرة على مواجهة المستقبل، مؤكدًا أن نجاح الحكومات في القرن الحادي والعشرين لا يعتمد فقط على قدرتها على حل المشكلات، بل على قدرتها على التنبؤ بها قبل وقوعها.